![]() |
حمي الببغاوات |
حمّى الببغاوات: المرض
الخفي الذي قد يحمله طائرك الأليف!
عندما نسمع كلمة "حمّى"، يخطر ببالنا فورًا الإنفلونزا أو
نزلات البرد. لكن هل سمعت يومًا عن مرض يُعرف باسم حمّى الببغاوات؟ إنه مرض نادر، لكنه
خطير، ويمكن أن ينتقل من الطيور إلى الإنسان، ويعرف طبيًا باسم الكلاميديوز (Psittacosis). لا تنخدع باسمه، فليس الببغاوات وحدها المسؤولة،
بل يمكن أن يكون أي طائر أليف أو بري حاملًا صامتًا لهذا العدو غير المرئي.
ما هي حمّى الببغاوات؟
حمّى الببغاوات هي عدوى بكتيرية تُسببها بكتيريا تُسمى Chlamydia psittaci، وهي من الأنواع التي تستطيع القفز بين الأنواع، أي أنها زُوْنُوزِيّة (Zoonotic)،
ما يعني أنها قادرة على الانتقال من الحيوان إلى الإنسان. وقد تم تسجيل أولى حالات
انتقال هذه العدوى إلى البشر في بدايات القرن العشرين، وسببت موجات قلق بسبب
غموضها وخطورتها آنذاك.
تُصيب هذه البكتيريا الجهاز التنفسي بشكل رئيسي، لكنها قد تمتد
لتُحدث مضاعفات في الكبد، القلب، والجهاز العصبي في بعض الحالات.
الطيور ليست كلها بريئة! من هم الناقلون؟
رغم الاسم الذي يُعطي انطباعًا بأن الببغاوات فقط هي السبب، فإن
الحقيقة أوسع من ذلك. هذه العدوى قد تنتقل من أنواع متعددة من الطيور، منها:
الببغاوات بأنواعها: الببغاء الرمادي
(الأفريقي)، الببغاء القرمزي، ببغاء الدّرّاء (الكوكتيل)، وطيور الحب.
الحمام: من أكثر الطيور الحضرية
شيوعًا والتي قد تكون حاملة للبكتيريا.
الطيور البرية مثل: طيور البرقش
(الحسُّون)، الزرازير، وبعض طيور الزينة الصغيرة.
الدجاج والديك الرومي: خصوصًا في المزارع أو
الأسواق التي تفتقر للشروط الصحية المناسبة.
العدوى غالبًا ما تنتشر من خلال استنشاق الغبار أو الرذاذ
الجوي الملوّث ببراز أو إفرازات الطيور المصابة، مما يجعل بيئة الأقفاص
غير النظيفة أو المعاملة المباشرة مع الطيور المصابة مصدرًا خطرًا.
فترة الحضانة: الوقت الخفي قبل الهجوم
بعد التعرض للبكتيريا، تبدأ فترة الحضانة التي تتراوح عادة من 7 إلى 30 يومًا، وقد تكون أطول في بعض
الحالات النادرة. هذا يجعل تشخيص المرض أكثر صعوبة، إذ أن الأعراض لا تظهر مباشرة،
وقد يُخطئها الطبيب أو المريض باعتبارها نزلة برد عابرة أو إنفلونزا موسمية.
الأعراض: كيف تكشف المرض؟
تبدأ الأعراض تدريجيًا، وتزداد حدة مع الوقت إذا لم تُعالج، وتشمل:
حمّى مرتفعة، قد تتجاوز 39 درجة
مئوية.
صداع شديد ومستمر.
شعور عام بالتعب والإرهاق
(الوهن).
آلام عضلية في أنحاء الجسم.
سعال جاف، قد يتطور لاحقًا إلى
بلغم أصفر أو أخضر.
ضيق في التنفس، وخاصة لدى كبار السن أو
المصابين بأمراض مزمنة.
ألم في الصدر، وقد يُشبه في بعض الحالات
أعراض الالتهاب الرئوي.
في الحالات الشديدة، قد
تظهر علامات إصابة بالكبد مثل اليرقان، أو اضطرابات عصبية مثل الارتباك والدوخة.
ومن المهم ملاحظة أن بعض الأشخاص قد يصابون بالعدوى دون ظهور أعراض
واضحة، مما يجعلهم ناقلين صامتين لها.
التشخيص والعلاج: هل يمكن النجاة؟
لحسن الحظ، يمكن تشخيص حمى الببغاوات من خلال فحوصات الدم أو فحوصات
مخبرية خاصة (PCR) تبحث عن الحمض النووي للبكتيريا في عينات البلغم
أو الدم.
يُعتبر المضاد الحيوي
"دوكسيسيكلين" الخيار الأول للعلاج، ويُؤخذ لمدة تتراوح بين 10
إلى 21 يومًا حسب شدة الحالة. وفي معظم الحالات، يبدأ المريض بالشعور بالتحسن خلال
أيام قليلة من بدء العلاج، إلا أن إهمال العلاج قد يؤدي إلى مضاعفات خطيرة، تصل
إلى فشل في التنفس أو التهابات قلبية.
هل يمكن الوقاية من هذا المرض؟
الوقاية تبدأ من النظافة والوعي:
لا تشترِ الطيور إلا من
متاجر موثوقة تُجري فحوصات دورية على حيواناتها.
تأكد من تنظيف الأقفاص
يوميًا وتغيير أوعية الطعام والماء.
تجنّب لمس براز الطيور
مباشرة، واغسل يديك جيدًا بعد التعامل معها.
لا تقرّب الطيور من وجهك
أو تسمح لها بالجلوس على كتفك إذا لم تكن متأكدًا من صحتها.
إذا كنت تعمل في متجر
طيور أو عيادة بيطرية، استخدم الكمامات والقفازات دائمًا.
الخلاصة: لا داعي للذعر، بل للوعي
حمّى الببغاوات ليست منتشرة بكثرة، لكنها موجودة، وغالبًا ما يتم
تجاهلها أو عدم التفكير بها في التشخيص. المهم هو أن تعرف بوجود هذا المرض، خصوصًا
إذا كنت تربي طيورًا أو تعمل معها. الوقاية والعلاج متاحان، لكن كل شيء يبدأ
بالانتباه.
في النهاية، الطيور كائنات رائعة وتضفي بهجة على الحياة، لكنها مثل
أي كائن حي تحتاج إلى رعاية ومراقبة صحية مستمرة. تذكّر أن الطمأنينة تبدأ
بالمعرفة.